بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 يوليو 2015

إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم....بين مهمة الإنذار المبكر والاستشعار عن بعد


إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم....بين مهمة الإنذار المبكر والاستشعار عن بعد

بقلم :  أ.د عبد اللطيف عبد القادر أبو بكر   
 لقد بات في حكم المؤكد أن الممارسات التربوية التي تدور رحاها داخل أروقة مؤسسات التعليم تواجه قائمة من المشكلات تختلف عما تم مجابهته من قبل، وأنه لا سبيل إلى حل تلك المشكلات إلا بتغيير طريقة تفكيرنا، إذ  لا يتصور أن يتم حل المشكلات بنفس طريقة التفكير  التي أوجدتها،  ولنا أن نردد مع أينشتين: الغباء هو أن تفعل الشيء نفسه مرتين، بنفس الأسلوب، ونفس الخطوات، مع انتظار نتائج مختلفة.
   نعم هناك قائمة طويلة من القضايا التي تحتاج إلى تغيير،  في وقت أصبحت قوة الأمم لا تقاس بمساحة أراضيها ولا بعدد سكانها، بقدر ما تقاس بسرعة استجابتها للتغيرات، بل وإحداث تلك التغيرات إن تطلب الموقف ذلك. غير أن الحكمة القديمة تقول: امنحني الشجاعة لأغير الأشياء التي يجب أن تتغير، وامنحني القوة كي أكون قادرًا على احتمال ما لا يتغير،  وامنحني الحكمة لأكون قادراً على أن أوازن بين ما يقبل التغيير، وما لا يقبل. أجل نحن في حاجة إلى التحلي  بمبادرة الشجاعة.. وقوة التحمل.. وحكمة التوازن؟
مؤسسات التربية.. مشاعل إنذار مبكر 
ياله من منظر موح ذاك الذي تمثله سيدة تمثال الحرية وهي تحمل في يدها اليمنى مشعلًا يضيء، وفي يدها اليسرى كتابًا، نعم، مشعل يضيء، وكتاب يقرأ، هما طريقك للصدارة لكنك تحتاج – إضافة لذلك – إلى منظومة للقيم الحاكمة التي تؤمن بها  وتعيش عليها... حسنًا، احرص على مكان الصدارة؛ لأن في مقاعد المتخلفين زحامًا شديدًا، لكن قبل أن تحرص على تبوء مكان الصدارة، احرص على ألا يسقط المشعل من يدك.
ثمة حقيقة تسطع بجلاء، تبتدرنا بها أضابير الكتب،  وصفحات التاريخ عن تلك المشاعل الخشبية الضخمة التي كان يتم إنشاؤها فوق قمم الجبال والتلال القريبة من البحر، بحيث يمكن لمن يقف فوق إحدى هذه القمم أو التلال أن يرى قمة أو تلة أخرى، بحيث يتم توظيفها ضمن سلسلة نظام الإنذار المبكر للتواصل بين فرق ومواقع الجيوش المتباعدة، وإعلامها على وجه السرعة بدنو هجوم عسكري وشيك. 
   في الغالب كانت هذه السلاسل تبدأ بأبراج مراقبة تتمركز على رواب تطل على البحر أو تلال تشرف على مناطق مفتوحة فسيحة (سهول مثلاً) لإعلام القلاع والوحدات المتمركزة داخل الممالك والدول بدنو الهجوم المحتمل على جناح السرعة، ما يتيح لها الوقت للاستعداد بغية الدفاع أو الهجوم، لاسيما أن الجيوش قديمًا كانت تستغرق وقتًا من الزمن لبلوغ وجهتها، حيث إن الفرق كانت إما تمتطي الدواب أو تسير راجلة ومدججة بالسلاح، لذا كان نظام الإنذار المرئي هذا يسمح ببضعة أيام من الاستعداد للمعركة.ويستفيد هذا النظام من سرعة الضوء، فيتفوق بذلك على سواه من أنظمة الإنذار القديمة مثل الأنظمة الصوتية أو الحمام الزاجل...إلخ، كما أنه يسمح بنقل الرسائل التحذيرية لمسافات بعيدة جدًا في غضون دقائق أو ساعات،  وما زالت مشاعل الإنذار المبكر حاضرة في حياتنا المعاصرة، بشكل أو بآخر، كوسائل الإشارة عن بعد، حيث يمكن إيجادها في المنارات البحرية وأجهزة التخاطب الضوئية ما بين السفن والطائرات والمحطات وأنظمة الإرشاد في المطارات .  
غرة في بعض الأحيان لتصرخ بكل ما أوتيت من قوة: وجدتها!! لن أضيع هذه الفكرة.. فقد تعجب حين تعلم أن هذه الومضة سريعة الظهور والزوال، حين تضرب بحرارتها جدار هذا البالون المتضخم برصيد الجهالة والمتراكم على مدار السنين جراء جمود الفكر، إنها بمثابة قطرة ماء الحياة لروحك، وبشائر الغيث لقلبك؛ ومشاعل الهداية لعقلك، لو أنك سارعت باستثمارها من خلال التفاعل معها في الوقت المناسب. فسرعة ظهورها قد يساوي تمامًا زمن ومضة سرعة الضوء أو أقل من ذلك !! هل خطر ذلك ببالك من  قبل؟! بالطبع لا..!! ماذا لو استثمرت هذه الومضة في حينها! فمن عرف نعمة هذه الومضة،  واغتنم استثمارها بحق سيكون الوحيد الذي يمكنه الإجابة عن سؤالنا:  سرعة الضوء أم ومضة الفكر؟ (منتديات التربية والتعليم بالنماص: سرعة الضوء أم سرعة الصوت أم سرعة التوبة؟).

متى - إذن - تستحيل مؤسسات التعليم في بلادنا إلى مشاعل هداية، تستعيرها من نظم الإنذار المبكر القديمة المتجددة، يستضيء بها المتعلم السائر في مدلهمات الحياة، تكون بمثابة موجهات، وقرون استشعار، وبوصلات هادية،  تحميه من التسربل في الخطأ، وتحفظه من الوقوع  في إحباطات الموقف التعليمي  وعناءاته.                                    
الإنذار المبكر بين سرعة الضوء وومضة الفكر 
غالبًا ما يعقد الناس في السرعة مقارنة بين الضوء والصوت، وكلاهما كما نعلم لا يستغرق أكثر  من أجزاء بسيطة من الثانية!!  ولا شك أنه قد يكون في ذلك إسعاف للناس، إما بالرؤية أو بسماع  خبر عاجل، ليبقى السؤال: هل لا حظت يومًا هذه الومضة التي تنبض في عقلك على حين 
الإنذار المبكر في مؤسسات التعليم والحاجة إلى المعرفة 
ثمة حكمة تربوية تقول:«إن المستقبل هو سباق بين الكارثة والتعليم « (هـ. ج. ويلز)، وتؤكده سنن الكون، ودروس التاريخ، وتجارب البشر، ومنطق الأشياء وطبائعها، أن غياب المعرفة، أو نقصها، أو عدم كفايتها ودقتها تعد العامل الحاكم والرئيس في غياب القرارات الرشيدة لمواجهة تحديات التربية، ومن ثم خطر الوقوع في مربع  تلك الكارثة التي  تتصل بصميم عملية بناء الإنسان.
ولو حاولنا تقديم تعريف مقترح لمفهوم الإنذار المبكر يتماهى مع المتداول أكاديميًا لأمكننا القول: إنه نظام يمكننا من التنبؤ بمظاهر الخطر قبل وقوعها، ورصد السلبيات وتداركها قبل حدوثها وتفاقمها، وتقديم تقارير لمتخذي القرار بشأنها. 
هذا وينبغي أن يعتمد أي نظام للإنذار المبكر على:
وجود قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة وشاملة تغطي كل ما يتصل بالمؤسسة التربوية في شتى جوانبها المطلوب متابعتها.
تحديد قائمة الأزمات والمخاطر التي قد تكتنف المؤسسة التربوية، وتحديد تداعياتها على المدى المنظور والبعيد.
 وبهذا يتضح أن من أهم عوامل نجاح المؤسسة التربوية هو قيامها على رصيد معلوماتي، وقواعد بيانات تساعد على التخطيط المسبق، واتخاذ القرار المناسب في وقته، وتوقع البلاء التربوي قبل وقوعه. 
الاستشعار عن بعد في مؤسسات التعليم.. مقاربة فنية   
يعرف الاستشعار عن بعد بأنه: علم الحصول على معلومات عن جسم أو ظاهرة ما من مسافات أو ارتفاعات مختلفة دون تماس معها بشكل مباشر، باستخدام أجهزة تحسس واستشعار دقيقة من خلال الطائرات أو الأقمار الصناعية  أو على الأرض. أما كيفية الحصول على هذه المعلومات, فيتم عن طريق استخدام الموجات الكهرومغناطيسية المنعكسة أو المنبعثة من الأجسام الأرضية أو من الجو أو مياه البحار والمحيطات، بينما تكون أجهزة التقاط الموجات على الأقمار الصناعية أو الطائرات... إلخ. ويتم  الحصول على ذلك في شكل صور أو مرئيات أو بيانات وخطوط بيانية، هذا ويمكن توظيف ذلك العلم في  كل التخصصات كافة دون استثناء، في الزراعة والمياه والجيولوجيا والتخطيط العمراني، والإحصاءات، ومواطن الأمراض...إلخ.   
استوقفني خبر عن ابتكار شبكات استشعار لاسلكية تعمل بذكاء الحشرات، حيث مازالت الحشرات على صغرها تبهرنا بما فيها من نظام حيوي معقد وفعال يمكن الاستفادة منها واقتباس فكرة عملها لحل المشكلات التقنية من حولنا، إنه صنع الله الذي أحسن كل شيء خلقه. فمؤخرًا، قام مجموعة من الباحثين في جامعة  «موناش»  بتطوير شبكات استشعار لاسلكية تعمل بذكاء الحشرات،  يمكن استخدامها لمراقبة البيئة من حولنا. وقد توصل الباحثون لهذه الفكرة بعد دراسة معمقة لتصرف ذباب الفواكه، فأدمغة هذه الحشرات لديها القدرة على توفير طاقتها بكفاءة. فدماغ ذبابة الفاكهة تستهلك بضع مايكروواط من الطاقة، ولكنها في ذات الوقت قادرة على دمج البيانات الحساسة لمساعدتها على الطيران والتصرف لتعيش. في المقابل تستهلك شبكات الاستشعار اللاسلكية ألف ضعف طاقة دماغ ذبابة الفواكه، ذلك لأن مثل هذه الشبكات تتكون من عناقيد استشعار للضوء والحرارة والصوت وغيرها موصولة بعضها مع بعض بحاسب مركزي لاستقبال البيانات من هذه العناقيد، وهذا ما يجعلها تستهلك طاقة عالية عند عملها.
ولكن عند إسقاط فكرة عمل أدمغة ذبابة الفواكه على تصميم عناقيد شبكات الاستشعار اللاسلكية، فإنه يمكن توفير الطاقة المستهلكة لعمل هذه العناقيد وفي ذات الوقت يمكن توسيع رقعة شبكات الاستشعار اللاسلكية من غير التأثير على حجم الطاقة المستهلكة.
كما وقفت مشدوهًا وأنا أتابع إعلانًا  لأحد أجهزة الاستشعار عن بعد، لديه من القدرة ما يمكنه أن  يخرج الخبء في الأرض، ويهيم بحثًا عن كنوزها ودفائنها، يقول الإعلان:  لا داعي للمشي والحفر العشوائي بعد الآن،  وفر تعبك و نقودك، هذا الجهاز الإلكتروني هو أداتك الرئيسة في  بداية الصيد  الاحترافي  للكنوز، هو ثروة كبيرة بما يمتلك من قدرات تمكنه من استكشاف الكنوز ومواقع الذهب والدفائن بخاصية الاستشعار عن بعد، يعمل بنظام التتبع الصوتي، مع إمكانية معرفة عمق الهدف وبعده، وقد تم ضبطه وبرمجته على أدق مستوى لمخارج الطول الموجي لإشارات الأهداف المرسلة للأرض،  يعمل بخاصية الإرسال والاستقبال التي تم ضبطها وتجربتها مرارًا وتكرارًا.
بعدها أخذت أرجع البصر كرتين وأتساءل: هل إلى مرد من سبيل لتوظيف الاستشعار عن بعد – وإن بشكل مجازي-  في ميدان التربية  لنستخلص من خلاله كنوزنا الكامنة ونحافظ عليها؟ وبدأت أعقد مقاربة بين كنوز التربة وكنوز التربية، بين خزائن الأرض وخزائن الفرد، بين دفائنها ودفائن العقل البشري، وأخيرًا، بين السياحة والرصد والالتقاط عبر دفتي كتاب، وبين السباحة  والغطس والالتقاط عبر ضفتي نهر. 
وألحت على الذاكرة عبارة لافونتين في حكايته عن الفلاح وأطفاله، تلك العبارة التي وردت على لسان  ذلك الفلاح في سياق إسداء النصيحة لأطفاله:«احذروا بيع الميراث الذي تركه لنا آباؤنا ففيه كنز مكنون». 
ويدور الزمان، وتستلهم الفكرة نفسها من «لافونتين»، ورودًا في تقرير اللجنة الدولية للتربية في القرن الحادي والعشرين ليصبح عنوان التقرير «التعلم ذلك الكنز المكنون». 
وفي كتابه الممتع «في فضاء الصمت»  للماليزي «فيجاي إيسـواران» ترد قصة مدهشة لإمرأة حكيمة متجولة، عثرت أثناء تجوالها في أحد الجبال على حجر كريم في ساقية، فوضعته في حقيبتها وتابعت سيرها. 
التقت في اليوم التالي بمسافر جائع، فتحت حقيبتها لتشركه في طعامها ورأى المسافر الجائع الحجر الكريم فطلبه منها، فأعطته إياه دون تردد، ثم غادر الرجل سعيدًا بكنزه الثمين، يكاد يطير من الفرح، لأنه عرف أن قيمة هذه الثروة تكفيه للعيش بأمان طوال أيام حياته، لكنه عاد بعد أيام ليعيد الحجر الكريم إلى المرأة الحكيمة قائلاً لها: كنت أفكر.. أعرف كم هي قيمة الحجر، لكني أعيده إليك، آملاً أنك تستطيعين إعطائي شيئًا أثمن! امنحيني ذلك الشيء الذي جعلك قادرة على إعطائي الحجر الكريم.
إن الكنز المكنون الذي يتعين علينا أن نحافظ عليه، وإن الحجر الكريم الذي يمكننا أن نقدمه لبلادنا، بل إن ما هو أكبر من مجرد العطاء، وهو الإرادة التي تقودنا للعطاء، الإرادة التي هونت العطاء، وجعلت المرأة قادرة على البذل دون تردد.  والإرادة التي نريدها هنا هي إرادة التغيير، تغيير صورة بلادنا بتوجيه التعليم وجهة أخرى تصلح مساره، وتستثمر الموارد الذهنية لكل المعنيين بالعملية التعليمية في استشعار مشكلات التعليم عن بعد، والعمل على تلافيها قبل وقوعها. 
 إدارة المعرفة ودورها في الإنذار المبكر والاستشعار عن بعد 
إذا كانت حكمة الماضي قد علمتنا أن المعرفة قوة – على حد تعبير نبيل علي - فقد أثبتت لنا حقائق الحاضر أن القوة أيضًا معرفة، وهو ما يتماهى مع توجهات الفلسفة التربوية في عصر المعلومات التي تتمثل في أربع غايات رئيسة هي: 
تعلم لتعرف.
تعلم لتعمل.
تعلم لتكون.
تعلم لتشارك الآخرين.
نعم تعد  المعرفة وإدارتها وثورتها من التوجهات الحديثة التي ألقت بظلالها في شتى المجالات لا سيما مؤسسات التعليم الجامعي. إذ المعرفة هي الصفة المميزة للمجتمع الإنساني في وضعه الراهن، ومن خلالها تحققت معظم التحولات العميقة والمهمة في شتى مجالات الحياة، نظرًا لدورها الفاعل والمؤثر للمعرفة في عمارة الكون وترقية الحياة على ظهر الأرض. نعم صارت المعرفة اليوم محورًا لتحولات في جوانب عديدة، من تلك التحولات توجه المجتمعات للنهوض بالاقتصاد والارتقاء بالتعليم حول العالم نحو المعرفة والاعتماد عليها، ولذا فإن هناك من يعامل المعرفة كعنصر من عناصر الإنتاج يضاف للعناصر التقليدية الثلاثة: الأرض، العمل، رأس المال، فالمعرفة، ومن ثم يمكن النظر إليها بوصفها العنصر الأول والأهم لارتباطها بالإنسان، وهو العنصر الفاعل في منظومة أية حضارة إنسانية.
ومن ثم بات التعامل مع المعرفة التي تمتلكها مؤسسة ما على أنها أصل رأسمالي له قيمة نقدية تدرج ضمن موجودات تلك المؤسسة، أما الاستثمار في حقول المعرفة فقد استحوذ على اهتمام المؤسسات والشركات وحتى الحكومات.
لذا أصبحت مواكبة التطور الحادث في حقل إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات بغية استشعار مشكلات التعليم وعلاج أدوائه  أمرًا لا مفر منه  وخيارًا صفريًا لا غنى عنه، في الارتقاء بالأداء المهني للقائمين على المؤسسات التعليمية.
هذا وتمثل المعرفة وإدارتها أهمية بالغة، وقوة فاعلة في التوجيه والإنذار المبكر والاستشعار عن بعد للمشكلات التربوية التي يشغل بها النظام التعليمي برمته، وإذا لم تكن المعرفة هي المؤهلة لاستشراف كل ذلك فما الذي –  ياترى – يقوم به؟ 
لقد أصبح اعتماد مؤسسات التعليم العالي على مدخل إدارة المعرفة خيارًا استراتيجيًا، ولم يعد ترفا ولا خيارًا مرفوضًا، وذلك لتصحيح مسار تلك المؤسسات إتقانًا وتجديدًا وابتكارًا.
كما أن العالم يعيش في عصر الانفجار المعرفي والانتقال إلى صناعة المعرفة، وتحول الفرد إلى عامل معرفة (Knowledge Worker) وتوظيف تقنيات الاتصال للبحث عن المعرفة وتخزينها ونشرها، ومؤسسات التعليم ليست بمنأى عن كل ذلك. 
مفهوم المعرفة 
نظرًا لارتباط مفهوم المعرفة بمفهوم إدارة المعرفة، لذا كان من الأهمية بمكان أن نعرض ابتداء لمفهوم المعرفة، وذلك على النحو الآتي:
فقد عرفها البعض على أنها: بقايا البصيرة المتراكمة عند استخدام المعلومات والخبرة في التفكير, وما تحتفظ به نتيجة هذا التفكير في مشكلة ما, وما نتذكره عن طريق التفكير.
هذا ويمكن أن نعرف المعرفة  بأنها: ما يتمثله الفرد من معلومات يقوم بربطها وإحكام الصلة بينها بما يمكنه من توظيفها، والإفادة منها عند الاحتياج إليها.
وعلى الرغم من كل تلك التعريفات فإننا لا نعدم وجود بعض الأصوات التي تعتقد أن المعرفة الأكثر قيمة هي التكتيكية الموجودة في عقول الأشخاص، التي تتشكل عبر التفاعل والعلاقات الاجتماعية, وتتعزز باعتماد المنظمات لثقافات تنظيمية وأنظمة مكافأة متجددة. 
مفهوم إدارة المعرفة 
ليس هناك تحديد جامع مانع لمفهوم إدارة المعرفة، نظرًا لاتساع ميدانها وديناميكيتها كموضوع، انطلاقًا من التغيرات والتطورات المتسارعة في المجالات التي تشملها، من هذه التعريفات ما نستعرضه من تعريفات في  محاولة لاستخلاص طبيعة هذا المفهوم، وذلك على النحو الآتي: 
وعرفها آخرون بأنها: «العمل من أجل تعظيم كفاءة استخدام رأس المال الفكري في نشاط الأعمال، وهي تتطلب تشبيكًا وربطًا لأفضل الأدمغة عند الأفراد من خلال المشاركة الجماعية والتفكير الجماعي».
كما عرفت بأنها «إدارة توفير المعلومات وإتاحتها لجميع العاملين في المنظمة والمستفديين من خارجها». 
ويمكن تعريفها بأنها: قدرة المؤسسة التعليمية على معالجة المعلومات المطلوبة للمؤسسات التعليمية  بشكل منهجي، وإتاحتها للعاملين بها، وتحقيق الاستفادة القصوى منها، لتصل المؤسسة من خلالها لأعلى مستوى من الكفاءة لأفرادها، وبما يسهم في تلافي المشكلات قبل وقوعها، ومن ثم تحقيق المؤسسة للأهداف المنوط بها تحقيقها. 
هذا وتعد إدارة المعرفة من المجالات عالية التكلفة، لكن على الرغم من ذلك فإن مردودها وعائدها أكبر من تلك التكلفة، وكما قيل: إذا كنت تعتقد أن المعرفة وإدارتها المعرفة غالية الثمن فجرب الجهل!!
أنواع المعرفة.. تضافر لحل المشكلات 
وضع الباحثون والكتاب تصنيفات متعددة للمعرفة..على أن أكثرها بروزًا  هو تصنيف المعرفة إلى ضمنية يتمتع بها الأفراد أو فرق العمل, وتبرز في الكفاءة الشخصية, بشكل غير رسمي، وعلى المنظمة أن تحافظ عليها, وتحويلها إلى واقع تطبيقي باعتماد سياسة تحفيز متطورة, وتحسين ظروف العمل وتنميتها باعتماد تقنيات الإنترنت التي تهيئ المعلومات بجودة عالية, وبما ينمي المخزون المعرفي للمنظمة، ومعرفة ظاهرة تخزن في الذاكرة المنظمية, وتتاح للمستخدمين عبر هيكل المنظمة, مع تيسر خزنها ونقلها للآخرين على خلاف الضمنية التي هي الأساس في تحقيق الميزة التنافسية بعد تشخيصها وتحويلها إلى ظاهرة.
ونظرًا لأن السمة الغالبة على المعرفة – في ضوء تصنيفها إلى ظاهرة وضمنية – هي المعرفة الضمنية التي تصل إلى (80 %) من المعرفة المتوفرة لدى المؤسسات حسب ما أكده (دورثي وليونارد في كتاب  ينابيع المعرفة 1998)، لذا فإن المعرفة الظاهرة تحتاج للضمنية،  وهو ما أوضحه  أكيوجيرو نوناكا  وهيروتاكا تاكيوتشي في كتابهما « صنع المعرفة» عندما تحدثوا عن ماكينة صنع الخبز التي فشلت في عام 1985م عندما  كانت تظهر الخبز ناضجًا من الخارج ونيئًا من الداخل إلى أن اقترحت إحدى مطورات برامج الحاسب العمل مع أشهر صانعي الخبز في العالم، حيث تعلمت أن الخباز يجهز نوعًا من الخميرة يضعه بالخبز مما يساعد على إنضاجه بشكل جيد وعند تطبيق الطريقة نجحت الآلة، وهنا تظهر قيمة المعرفة الظاهرة والضمنية من خلال التفاعل بالانتشار الخارجي والاندماج الاجتماعي. كما ولابد من العودة للداخل حيث يتمكن الفرد من تحويل المعرفة الظاهرة التي حصل عليها ضمنًا وبتداولها في نفسه لتصبح لديه خبرة خاصة به إما عن طريق التجريب أو المحاكاة.
مبررات التحول إلى إدارة المعرفة 
تم تلخيص مبررات التحول إلى إدارة المعرفة في النقاط الآتية:                
تعاظم دور المعرفة في النجاح المنظمي, لكونها فرصة كبيرة لتخفيض التكلفة ورفع موجودات المنظمة لتوليد الإيرادات الجديدة.
العولمة التي جعلت المجتمعات العالمية الآن على تماس مباشر بوسائل سهلة قليلة التكلفة كالفضائيات والإنترنت التي أسهمت في تسهيل خلق وتبادل التقارير القياسية و توفير نظم الاتصال عن بعد, وتوفير بنى تحتية أخرى للاتصالات.
إدراك أسواق المال العالمية, أن المعلوماتية والمعرفة(التي تمثل أهم موجودات رأس المال الفكري في المنظمات) هي مصدر الميزة التنافسية, وهي أهم من المصادر التقليدية, مثل الأرض و رأس المال والعمل.
اتساع المجالات التي نجحت إدارة المعرفة في معالجتها, خاصة في مجال التنافس والإبداع والتجديد والتنوع.
إمكانية الحصول على كميات هائلة من المعلومات في ظرف أجزاء من الثانية، وفي الوقت نفسه ازدياد صعوبة الاستفادة من تلك المعلومات. 
الطفرة الهائلة في التطور التقني وانعكاساتها على العملية التعليمية، من حيث توظيف تقنيات المعلومات والاتصال، وتقنيات التعلم والتعليم، التي ألقت بظلالها على منظومة التعليم، بما دفع إلى تجويد مخرجات العملية التعليمية، انطلاقًا من العناية بتحقيق مستوى أعلى في التنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس بشكل دائم.
التغيير الذي طرأ على أدوار أعضاء هيئة التدريس، نتيجة لتطور تقنيات الاتصال، وتعدد مصادر التعلم، بما قاد إلى ضرورة إحداث تغييرات جوهرية في المواقف التدريسية برمتها، من حيث وسائل نقل المعرفة، وأدوار أعضاء هيئة التدريس التي حولت المعلم من مجرد خازن للمعرفة وأمين على أسرارها، وملقن لها، إلى موجه ومرشد وميسر للحصول عليها.    
حالة التخمة المعرفية،  وثورة المعلومات التي شهدها العلم منذ منتصف القرن العشرين، حيث لوحظ تزايد في إنتاج المعرفة بأنواعها المختلفة، فقد أشارت بعض الدراسات في أوائل الثمانينيات إلى أن المعرفة صارت تتضاعف كل سبعة أعوام، وفي أواخر التسعينيات كان الحديث عن تضاعف حجم المعرفة العلمية كل عامين ونصف تقريبًا، بل إن هناك من الدراسات ما يشير إلى تضاعف المعرفة كل ثمانية عشر شهرًا، كما ورد في بعض خطابات الرئيس الأمريكي الأسبق « بيل كلينتون».
لقد بات في حكم المؤكد وجود مساحات التقاء ونقاط تماس وأرضية مشتركة تربط بين مختلف ميادين العلم، وشتى حقول المعرفة، بما يؤكد وحدتها وتكاملها، وهو ما يدعو إلى النهوض بالحد اللازم لدى أعضاء الهيئات التدريسية، بما يمكنهم من الإلمام بكل هذا لتحقيق حالة النمو اللازمة لهم.
عمليات إدارة المعرفة 
يمكننا القول: إنه من خلال رصدنا لعدد من تعريفات عمليات إدارة المعرفة فإنه يمكننا أن نقف على السمات والقسمات المميزة لتلك العمليات بما تنطوي عليه من مراحل.
فهي بأنها تلك العمليات التي تبدأ من الحصول على المعرفة من مصادرها الخارجية، وتصنيفها، وتقييمها، وخزنها، وإتاحة الوصول إليها، والاستفادة منها. 
وهي عمليات إدارة المعرفة هي:«العمليات والأدوات والسلوكيات التي يشترك في صياغتها وأدائها المستفيدون من المؤسسة لاكتساب وخزن وتوزيع المعرفة، وعكسها في عمليات الأعمال للوصول إلى أفضل التطبيقات بقصد المنافسة طويلة الأمد والتكيف».
كما أنها: «العمليات التي تساعد المنظمات على الحصول على المعرفة وتوليدها واختيارها وتنظيمها واستخدامها ونشرها، وتحويل المعلومات المهمة والخبرات التي تمتلكها المنظمة، والتي تعد ضرورية للأنشطة الإدارية المختلفة، كاتخاذ القرارات، وحل المشكلات، والتخطيط الاستراتيجي، وغيرها».
ويراها البعض بأنها:«النشاطات والعمليات المتعلقة باكتساب المعرفة، وبنائها، والمحافظة عليها، من خلال ترميزها وتخزينها، واستيعابها، ونقلها، والمشاركة فيها، وتطبيقها لتحقيق أهداف المنظمة».
وبهذا يتضح أنها «عملية تمر بمراحل متعددة, وتحول المدخلات (المعلومات) التي تحصل عليها المنظمة من مصادر خارجية أو داخلية إلى معرفة, ثم المشاركة فيها وخزنها وتوزيعها والمحافظة عليها، ثم استرجاعها للتطبيق وإعادة التطبيق.. وهذه العمليات تتابعية ومتكاملة فيما بينها. 
وحدد عملية «KM» في مراحل (إدامة ورفع المعرفة الحالية، واكتسابها، واستخدامها وإعادة الاستخدام) وفق مدخل الوثائق والمدخل التقني، أما وفق المدخل التنظيمي الاجتماعي، ومدخل القيمة المضافة فتمر الـ «KM»  بمرحلتي (ابتكار، وتوليد المعرفة الجديدة).
ويرى أن المراحل هي (تشخيص المعرفة وفي ضوئها توضع سياسات وبرامج العمليات الأخرى، ونتائجها تحدد نوع المعرفة المتاحة، وعبر مقارنتها بالمطلوب نحدد الفجوة، ثم مرحلة تحديد أهداف المعرفة، وبدون ذلك تصبح مجرد كلفة وعملية مربكة، وفي ضوء الأهداف تعتمد أساليب العمليات المعرفية الأخرى كالتوليد والخزن والتوزيع والتطبيق، ومن هذه الأهداف (تحسين العمليات، وخلق الوضوح حول مجالات عمل المنظمة), ثم توليد المعرفة عبر الشراء أو خلق أو الاكتشاف أو الاقتناص أو الاكتساب أو الامتصاص، وقد يتجسد التوليد بفكرة يقدمها الفرد، ثم خزن المعرفة (الاحتفاظ, البحث، الإدامة, الوصول, الاسترجاع, المكان) معبرة عن أهمية الذاكرة التنظيمية وكيف يمكن أن تحافظ على المعرفة دون فقدانها. أما المرحلة الخامسة فتتمثل في توزيع المعرفة كموجود يتنامى بالاستخدام والمشاركة وتبادل الأفكار والخبرات والمهارات بين الأفراد، وبما يبرز دور نظم الاتصالات الرسمية وغير الرسمية في النشر والتوزيع.أما المرحلة الأخيرة فتتم بتطبيق المعرفة باستعمالها وإعادة استعمالها والاستفادة منها، وهذا يبرز دور مدير المعرفة في تحديد الأساليب والتقنيات اللازمة للتطبيق، أو دور مدير رأس المال المعرفي في إدارة المعرفة المنظمية.
وقد رأى البعض أن عمليات إدارة المعرفة يمكن تحديدها فيما يأتي:
جمع المعرفة.
تنظيم المعرفة.
غربلة المعرفة.
توزيع المعرفة.
في حين أشير إلى أن عمليات إدارة المعرفة تنحصر فيما يأتي:
توليد المعرفة.
إمكانية الوصول إلى مصادر المعرفة.
تطبيق المعرفة.
تحصين خدمات المؤسسة 
تخزين المعرفة.
تطوير المعرفة.
 قياس المعرفة.
عمليات إدارة المعرفة هي الوسائل والطرائق وليست الغايات، التي من خلالها تستطيع المؤسسات الحصول على المعلومات المخزنة في عقول البشر أو الحاسوب، وتوليدها وخزنها وتحويلها ونشرها، من أجل تطبيقها للاستفادة منها. 
لذا فهو يرى أن عمليات إدارة المعرفة يمكن تأطيرها وتحديدها وترتيبها على النحو الآتي: 
أ-  الحصول على المعرفة: وذلك من مصادرها الداخلية والخارجية.
ب -توليد المعرفة: وذلك بالاعتماد على معارف الأفراد العاملين الظاهرة والكامنة والمجهولة المتوفرة لدى المؤسسة.
ج- اختيار المعرفة: إذ ليست كل المعارف تناسب المؤسسة، وإنما تهتم المؤسسات بالمعرفة المناسبة لأعمالها.
د- تنظيم المعرفة: حيث يتم تبويبها وتصنيفها وترميزها ليسهل التعامل معها.
هـ- خزن المعرفة: لغرض الوصول إليها بسهولة ويسر، وذلك للحاجة المستمرة إليها.
و- تطبيق المعرفة: أي استخدامها، إذ لا فائدة منها إذا لم تطبق لتحقيق القيمة والمردود الذي وجدت من أجله.
ز- نشر المعرفة: ليتسنى المشاركة من قبل المستفيدين منها في أعمال المؤسسة.
عناصر المعرفة  
يؤكد البعض أن المعرفة هي نتاج ومحصلة لمجموعة من العناصر المتفاعلة والمتمثلة فيما يأتي: 
البيانات: وهي مجموعة من الحقائق غير المترابطة، إذ يتم إبرازها وتقديمها دون أحكام أولية مسبقة.
المعلومات: وهي بيانات تعطى صفة المصداقية، وتقدم لغرض محدد، ويتم تطويرها، وقد ترقى إلى المعرفة، وتأخذ أشكالاً متعددة، منها الصوري، أو الكتابي، أو المحادثة. 
القدرات: إذ تحتاج المعرفة إلى قدرات لصنع معلومات من البيانات التي يتم الحصول عليها لإمكانية استخدامها والاستفادة منها. 
الاتجاهات: وهي التي تدفع الأفراد نحو الرغبة في التفكير والتحليل والتصرف، لذا فهي تحفز الأفراد وتدفعهم للإبداع.
معايير إدارة المعرفة 
في ضوء عمليات المعرفة التي تم استعراضها فإن الباحثة ستتبنى معالجة معايير إدارة المعرفة في ضوء المراحل (العمليات) الآتية:
أ- اكتساب المعرفة وتوليدها:
يقصد باكتساب المعرفة الحصول عليها من المصادر المختلفة (الخبراء والمتخصصون، والمنافسون والعملاء وقواعد البيانات، أو من خلال أرشيف المنظمة)، وذلك باستخدام وسائل المقارنة المرجعية، وحضور المؤتمرات وورش العمل واستخدام الخبراء والدوريات والمنشورات، ووسائل البريد الإلكتروني، والتعلم الفردي.
هذا وتنطوي عملية اكتساب المعرفة على المعايير الآتية:
تعزيز مستويات أعضاء الهيئة التدريسية معرفيًا.
الحرص على التنوع المعرفي كسبيل للحصول على المعرفة وإنتاجها.
اعتماد الطرق العلمية وخطوات البحث العلمي المساعدة على اكتشاف المعرفة وتوليدها.
 تبني الطرق العلمية المناسبة للكشف عن المعرفة في عقول  أعضاء الهيئة التدريسية.
تشجيع أعضاء هيئة التدريس على تعزيز المعرفة بإضافات ملموسة.
إزالة العوائق وحل المعضلات التي تحول دون تمكن أعضاء هيئة التدريس من استدعاء المعرفة وإنتاجها.
توفير سياسات داعمة لحرية البحث عن المعرفة والحصول عليها.
إطلاع أعضاء هيئة التدريس بالمستجدات المعرفية في الجامعات ذات السمعة العالمية. 
اختيار قيادات تربوية تشجع على تبني مدخل إدارة المعرفة والارتقاء بالتنمية المهنية لأعضاء هيئة التدريس، بحيث تكون قدوة لهم في البحث عن المعرفة واستقطابها.
ب - تنظيم المعرفة:
وبقصد بتنظيم المعرفة قيام كل فرد في المنظمة بتسجيل كل ما يحدث له وأية معلومات جديدة في مكان معين، سواء في ملفات عادية أو في شبكة الحاسب الآلي، بحيث تكون متاحة لكل أفراد المنظمة، إذا أرادوا الاطلاع عليها.
قيام شخص مسؤول بجمع المعلومات وتخزينها بدقة وبطريقة يسهل استخدامها من الجميع، دون الاهتمام بتحليل وتنقية المعرفة أو بنشرها وتداولها بطرقة فعالة.
قيام كل الأفراد بتقديم المعرفة الموجودة لديهم إلى شخص أو لإدارة معينة. وتقوم هذه الجهة بتحليل وتنقية هذه المعرفة، ثم تقوم بتخزينها على أفضل وأدق صورة، وبحيث يمكن تداولها من قبل المنظمة في يسر وسهولة.
جمع المعرفة بطريقة منظمة وإيجابية، ويتم تحليلها وتنقيتها، ثم يتم ترتيبها وتنسيقها وتجزئتها، ليتم تخزينها في أفضل صورة، ويراعى أن يتم تداولها بسهولة ونشرها واستخراجها بدقة ويسر من قبل أفراد المنظمة.
هذا وتنطوي عملية تنظيم المعرفة على المعايير الآتية:
توفير خطط بديلة لتوقع التغيرات التي يمكن أن تطرأ على المحتوى المعرفي. 
تنظيم المحتوى المعرفي على أساس تداخل التخصصات، ووحدة المعرفة. 
توفير نظام دائم لصيانة المحتوى المعرفي والمحافظة عليه. 
مساعدة أعضاء هيئة التدريس في تنظيم معارفهم بما يحفز أفكارهم، ويعمل على إثرائها.
مساعدة أعضاء هيئة التدريس في التغلب   على المعوقات التي تجابههم أثناء العمل، وذلك من خلال تنظيم المعرفة.
الاهتمام بتنظيم المعارف بمختلف أقسامها، بما يساعد على تطوير المعارف المتولدة حديثًا. 
ج- تطبيق المعرفة:
يعد تطبيق المعرفة الهدف الأساسي من عملية إدارة المعرفة. ويتطلب هذا التطبيق تنظيم المعرفة (من خلال التصنيف والفهرسة أو التبويب المناسب للمعرفة)، واسترجاع المعرفة (من خلال تمكين العاملين في المنظمة من الوصول إليها بسهولة وفي أقصر وقت)، وجعل المعرفة جاهزة للاستخدام (حذف بعض الأجزاء غير المتسقة وإعادة تصحيح المعرفة وفحصها باستمرار، وإدخال الجديد المناسب عليها، واستبعاد المتقادم.
   هذا وتختلف عملية اكتساب المعرفة من منظمة لأخرى، فكل منظمة تكتسب المعرفة وتفهمها بطريقتها الخاصة. ومن ثم تتأثر المعرفة المخزنة في المنظمة بثقافة المنظمة نفسها.
هذا وتنطوي عملية تطبيق المعرفة على المعايير الآتية:
توظيف المعرفة للوصول بأعضاء هيئة التدريس إلى مستوى الإبداع في التدريس، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع.
تحفيز أعضاء هيئة التدريس بها وأصحاب براءات الاختراع وتشجيعهم ماديًا ومعنويًا.
توفير بيئة مواتية، ومناخ يتسم بالثقة في قدرات أعضاء هيئة التدريس المعرفية، ويتيح لهم حرية التفكير واستقلاليته، وتجريب أفكارهم الجديدة.
مساعدة أعضاء هيئة التدريس على تطبيق معارفهم حتى لو كانت النتائج دون المستوى العالي بهدف تشجيعهم.
إتاحة الفرصة لأعضاء هيئة التدريس لتطبيق المعارف بسهولة، دون التخوف من حدوث أخطاء في نتائج التطبيق.
يستند أعضاء هيئة التدريس - في تطبيق المعرفة – على قاعدة بيانات توفر لهم فرص الاستفادة من المعرفة.
تحقيق تنوع في المعرفة بما يسهم في قوة المؤسسة التربوية.
مساعدة أعضاء هيئة التدريس على توظيف المعرفة في كل ما يتخذونه من قرارات.
توفير الفرصة لأعضاء هيئة التدريس من تطوير أدائهم من خلال الاستعانة بخبراء في التدريب وتطبيق المعرفة.
د – تخزين المعرفة:
هذا ويتم اكتساب المعرفة  وتخزينها من خلال طرق عديدة من أهمها:
قيام كل فرد في المنظمة بتسجيل كل ما يحدث له وأية معلومات جديدة في مكان معين، سواء في ملفات عادية أو في شبكة الحاسب الآلي، بحيث تكون متاحة لكل أفراد المنظمة، إذا أرادوا الاطلاع عليها.
قيام شخص مسؤول بجمع المعلومات وتخزينها بدقة وبطريقة يسهل استخدامها من الجميع، دون الاهتمام بتحليل وتنقية المعرفة أو بنشرها وتداولها بطرقة فعالة.
قيام كل الأفراد بتقديم المعرفة الموجودة لديهم إلى شخص أو لإدارة معينة. وتقوم هذه الجهة بتحليل وتنقية هذه المعرفة، ثم تقوم بتخزينها على أفضل وأدق صورة، وبحيث يمكن تداولها من قبل المنظمة في يسر وسهولة.
جمع المعرفة بطريقة منظمة وإيجابية، ويتم تحليلها وتنقيتها، ثم يتم ترتيبها وتنسيقها وتجزئتها، ليتم تخزينها في أفضل صورة، ويراعى أن يتم تداولها بسهولة ونشرها واستخراجها بدقة ويسر من قبل أفراد المنظمة.
هذا وتنطوي عملية تخزين المعرفة على المعايير الآتية:
توفير المعامل والمختبرات الحديثة والمجهزة للاستخدام.
الاعتماد على بيوت الخبرة، والنظم الخبيرة الداعمة لعمل أعضاء هيئة التدريس في الاحتفاظ بالمعرفة.
الاهتمام  بتوثيق المؤتمرات والندوات العلمية وورش العمل بما تنطوي عليه من بحوث ودراسات وأوراق عمل. 
توفير قواعد البيانات اللازمة لتخزين المعرفة الجامعية بكل صورها، وتوثيقها بما يمكن أعضاء هيئة التدريس من الرجوع إليها والإفادة منها. 
استخلاص للدروس المستفادة من نماذج تطبيق المعرفة وتوثيقها لإفادة أعضاء هيئة التدريس منها. 
الاهتمام بتدريب أعضاء هيئة التدريس على خزن المعرفة واسترجاعها وقت الحاجة إليها. 
إجراء عمليات التحديث المستمرة على المعارف المخزونة. 
الحرص على تحقيق درجة عالية من المرونة في خزن المعرفة واسترجاعها من خلال توظيف أحدث التقنيات التكنولوجية. 
هـ - نشر المعرفة وتعميمها:
ويقصد  بها إتاحة  سبل الوصول للمعرفة، وسهولة تداولها وسرعة تدفقها بين الأفراد الذين ينتمون للمؤسسة التربوية، بوصفها موجودة تزداد بالاستخدام، وبتبادل الأفكار والخبرات والمهارات بين الأشخاص تتعاظم لدى كل منهم، كما أن الفائدة للمعرفة تحصل بنشرها، وتزداد بإنفاقها، بحيث يتم توزيع المعرفة الضمنية عن طريق  التدريب وأساليب  الجوار والمناقشة، كما يتم إتاحة المعرفة الصريحة  عن طريق النشرات الداخلية والوثائق والتعلم. 
هذا وتنطوي على المعايير الآتية: 
استفادة أعضاء الهيئة التدريسية من شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) وإتاحتها لهم طوال الوقت. 
توفير فرص احتكاك ومساحات التقاء بين مختلف أقسامها لإفادة أعضاء هيئة التدريس بها من خبرات ومعارف بعضهم بعضًا. 
توفر المنشورات الداخلية التي تسهم في تمكين أعضاء هيئة التدريس من المعرفة على مدار الوقت. 
العمل على نشر المعرفة التخصصية من خلال عقد الندوات والمؤتمرات واللقاءات والمحاضرات بين الخبراء والمتخصصين.  
توفير البرامج المتصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما يساعد على تسهيل وسرعة تداول المعارف بين أعضاء هيئة التدريس.
تكوين فرق عمل من ذوي الخبرة المعرفية لتقديم الاستشارات العلمية، ونشرها بين أعضاء هيئة التدريس وقت الحاجة إليها. 
في ضوء ما تم عرضه ينبغي:
جعل التميز في المعرفة التي يمتلكها رأس المال الفكري المنظمي محور أعمال المؤسسات التربوية، بما يساعد على توقي المشكلات قبل وقوعها   أو معالجتها فور وقوعها، وبما يتيح لها تبوء موقع قيادي متميز.
استثمار رأس المال الفكري لإغناء الموارد والثروات المادية، وتحويلها من ثراء تراكمي كمي إلى تراكم معرفي عقلي، وسياق قيمي، وبما يتيح للمؤسسات التربوية مستوى أعلى من الإبداع.
تركيز المؤسسات التربوية على إحكام الصلة بين النظرية والتجربة، مع تشجيع  أعضاء الهيئات التدريسية على توظيف المعرفة للربط بين أهداف كل من الفرد والمؤسسة، والجمهور المستهدف.
تحويل أعضاء هيئة التدريس إلى فرق عمل ذوي معرفة بحيث تسهم في رسم استراتيجية المؤسسات التربوية.
شغل المناصب القيادية من ذوي الاقتدار المعرفي، ومن ذوي الذكاء الاستراتيجي والقدرة على تمثيل المعلومات ومعالجتها، ويتسمون بعمق النظر المتعدد الأبعاد حاضرًا متحققًا ومستقبلاً متوقعًا.
استقطاب المبدعين ذوي الذكاء للعمل في المنظمة، فهم يوظفون ذكائهم بشكل مبتكر، ولا يكبلون أنفسهم بالقيود والإجراءات العقيمة، ويبحثون عن تركيبات جديدة، وترابطات نادرة للأفكار والأشياء، ولهم    تفكير متشعب، وهذا إجمالاً ينمي معرفتهم، ويدفعهم لتوظيفها في المبتكر من العمليات التي تخدم كليات   التربية.
إنشاء إدارات متخصصة في الـ«KM» و«الإبداع الإداري»  بالمؤسسات التربوية لرعاية معارف أعضاء هيئة التدريس وتدعيمها، وتوظيفها لمجابهة تحديات العولمة والتسابق التكنولوجي المستمر ما بين المنظمات. 
توفير الدعم المادي والمعنوي وإحياء الثقة في نفوس أعضاء الهيئات التدريسية  في كافة أنشطة البحث والتطوير وخدمة المجتمع لتحقيق مستويات عالية من الإنجاز.
  أهم المراجع:   
- إبراهيم رمضان الديب (2008): بحث في إدارة المعرفة، الأكاديمية العربية المفتوحة، الدنمارك، كلية الإدارة والاقتصاد. 
إسماعيل سالم ماضي (2010): دور إدارة المعرفة في تحقيق جودة التعليم العالي، رسالة ماجستير، كلية التجارة، جامعة غزة. 
- حصة البارعي وعواطف الصفري (2013): ممارسة عضو هيئة التدريس للكفايات التدريسية القائمة على اقتصاد المعرفة من وجهة نظر طلاب كلية التربية جامعة القصيم، مجلة العلوم التربوية والنفسية، كلية التربية، جامعة القصيم.
- حيدر نوري (2011): تأثير عمليات إدارة المعرفة في تطوير القدرات المميزة «دراسة تطبيقية في شركة ديالى العامة للصناعات الكهربائية»، مجلة ديالى، العدد (48).
-خالد الزعبي وزينب الزيدي (2012): أثر نظم المعلومات الإدارية في عمليات إدارة المعرفة من وجهة نظر العاملين في مراكز الوزارات الأردنية، المجلة الأردنية في إدارة الأعمال، المجلد (8)، العدد (4). 
- ريا المحاميد (2008): دور إدارة المعرفة في تحقيق ضمان جودة التعليم العالي، دراسة تطبيقية في الجامعات الأردنية الخاصة، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط للدراسات العليا، الأردن.
- سعد العنزي ونغم حسين نعمة (2001): «أثر رأس المال الفكري في أداء المنظمة: دراسة ميدانية في عينة من شركات القطاع الصناعي المختلط»، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، المجلد(8)، العدد (28).
- سعد العنزي وعلي العابدي وفايق جواد (2009): دور إدارة المعرفة في تحقيق الأداء المميز، جامعة الكوفة، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، المجلد (15)، العدد (56).
- سعد غالب ياسين (2005): تحليل وتصميم نظم المعلومات، عمان، الأردن، دار المناهج للنشر والطباعة والتوزيع.
- صلاح الدين عواد الكبيسي(2002):إدارة المعرفة وأثرها في الإبداع التنظيمي،  رسالة دكتوراه، الجامعة المستنصرية، كلية الإدارة والاقتصاد.   
- عادل معايعة (2008): إدارة المعرفة في مؤسسات التعليم العالي، تجارب عالمية، دراسات المعلومات، جامعة اليرموك، الأردن، العدد (3)، سبتمبر.
- عبد الستار العلي وآخرون(2006): مدخل إلى إدارة المعرفة، دار المسيرة للنشر و التوزيع، عمان، ط1.
- فاضل راضي غباش (2010): أدوار إدارة المعرفة التنظيمية ورأس مال الزبون العلاقة والأثر، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، المجلد (16)، العدد (57).
- مبارك بوعشة وليليا منصور (2012): إدارة المعرفة كتوجه إداري حديث في عصر العولمة، المؤتمر الدولي الأول   عولمة الإدارة في عصر المعرفة (15 – 17 ديسمبر)، جامعة الجنان، طرابلس، لبنان.
- محمد عواد أحمد الزيادات(2008):  اتجاهات معاصرة في إدارة المعرفة، دار الصفاء للنشر و التوزيع، عمان.                                             
- مظفر محمد نوري (2013): دور إدارة المعرفة في اتخاذ القرار «دراسة حالة لعينة من مديري منظمات الأعمال في  محافظة دهوك»، مجلة جامعة كركوك للعلوم الإدارية والاقتصادية، المجلد (3)،  العدد (2).
- ناجي نواف (2010): مدى توافر أبعاد إدارة المعرفة وأثرها على التطوير التعليمي من وجهة نظر العاملين الإداريين في المستشفيات الحكومية في مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية، رسالة ماجستير، كلية إدارة الأعمال، جامعة مؤتة، الأردن.
- نجم عبود نجم(2005): إدارة المعرفة المفاهيم والاستراتيجيات والعمليات، مؤسسة الوراق للنشر و التوزيع، الأردن، ط1.   
- ياسر الصاوي(2007): إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات، الجامعة العربية المفتوحة، الكويت.  
- يسري بدر (2010): تطوير مهارات مديري المدارس الثانوية بمحافظات غزة في ضوء مفهوم إدارة المعرفة، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية.

-Gupta, A., & McDaniel, J., (2002), “Creating Competitive Advantage by Effectively      Managing Knowledge: AFramework of Knowledge Management”, Journal of                                                                   Knowledge Management Practice, October.
- Golding, L. & Gray, I.(2006).Continuing professional development for clinical psychologists: A practical handbook. The british psychological society. Oxford: Blackwell publishing.                                                                                                   
-  Hussain, Iftikhar  (2010), “knowledge Management For SMEs In Developing Countries”, Journal of Knowledge Management Practice, Vol.11, No. (2). Avsilsblr   on: http://www.tlainc.com/articl228.htm 
Reviewing at 25/7/2010                                                                                             
-  Hislop,Donald,  (2010) “ Knowlede Management as an Ephemeral Management Fashion “,journal of knowledge management,vol.14,no.6.                                         
- Johnson, G., & Scholes, K., (1997), “Exploring Corporate Strategy”, 4th ed., Prentice – Hall, Europe.Review, V (4), N (3), Spring  - Desouza, Kevin,C.&Awazu Yukika,(2003):” Knowledge Management, HR.                                                      
- Management Systems Can Help Track and Distribute Information Throughout The Organization “ HK Technology Magazine
 .Muniz,jore &Loureiro (2010):,knowledge based integrateg production Management model,journal of knowledge management,vol.14,no.6,9.                   
. Muniz,jore &Loureiro (2010):,knowledge based integrateg production Management model,journal of knowledge management,vol.14,no.6,9                      
. Quinn, G.B., et.al., (1995), “Managing Professional Intellect: Making The Most of The Best”, Harvard Business Review, March-April                                                  
. Ramanujan, S & Kesh, S. (2004): Comparison of Knowledge Management and CMM-CMMI Implementation, Journal of American Academmy of Business, CamBridge.                                                                                                                   
. Speck, M. & Knipe, C. (2005). Why can’t we get it right? Designing high-quality professional development for standards-based schools(2nd ed.). Thousand Oaks: Corwin Press.                                                                                                                                        
.Wick, G., (2000), “Knowledge Management & Leadership Opportunities For Technical Communicators”, Technical Communication, November, V (47), Issue (4).