«إذا كنت ترغب في الحديث معي فعرف ما تقوله». كلمة تنسب للفيلسوف الفرنسي فولتير، وكان هذا شأن كثير من المفكرين والكتاب، إذ كانوا يستهلون حديثهم وكتاباتهم بتحديد المصطلحات الغامضة التي تحتاج إلى مزيد إيضاح. ولا شك أن مفهوم التفكير يعد واحدًا من تلك المفاهيم الغامضة التي تحتاج إلى بيان، على أنه في الوقت ذاته من المفاهيم المراوغة التي يصعب تحديدها.
«سئل أحد علماء التفكير عن تعريف للتفكير، فلم يجب السائل، وطلب منه أن يفكر في تعريف للتفكير بنفسه.. في تقديرك لماذا أعفى هذا العالم نفسه من تعريف التفكير؟» (حسن زيتون ، 2003 ص 6 ).
إن مما يؤكد إشكالية المصطلح التي نمر بها الآن، أن من يبحث في تعريف التفكير سيجابه بقائمة طويلة من التعريفات نذكر منها:
- التفكير هو ما يحدث عندما يحل شخص ما مشكلة. (نايفة قطامي، تعليم التفكير، ص 19).
- التفكير هو فعل عقلي عن طريقه تكتسب المعرفة.
- التفكير هو عملية إدراك علاقات بين عناصر موقف معين مثل إدراك العلاقة بين السبب والنتيجة، والعلة والمعلول.
- التفكير هو العملية التي يتم بوساطتها توليد الأفكار وتحليلها ومحاكمتها.
- التفكير هو سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله عن طريق واحدة من الحواس الخمس. (فتحي عبد الرحمن جروان، 1999، ص 33).
- التفكير هو عملية الاتصال التي تتم بين العصبونات في مناطق الدماغ المختلفة، بقصد تبادل المعلومات حول موضوع ما. (نايفة قطامي، مرجع سابق، ص 375).
والسؤال الآن : هل أماطت مثل هذه التعريفات اللثام عن معنى وظيفي أو تعريف إجرائي للتفكير؟ وتقريبًا للأمر نقول:
أنت تقرأ الكلمات التي أمامك الآن فأنت تفكر، ترى ما الذي يدور في دماغك، كيف تحولت الكلمات إلى معنى، إذا لم تستطع أن تجيب فلا داعي لئن تشعر باليأس، إن كبار المفكرين لم يتمكنوا من تحديد الإجابة عن ذلك. فإذا كنا نجهل طريقة عمل الدماغ فكيف نعرف التفكير؟ لذا اتجه كثير من الباحثين إلى البحث عن طريق آخر لتعريف التفكير (الحارثى : 50).
لقد اقترح «كيربي وغودباستر» تعريف التفكير عن طريق نتاجاته ومخرجاته التي تتجلى في التواصل بين الناس، ولكن قد يدعي بعض الناس أنهم يفكرون داخل أدمغتهم بأفكار لا يستطيعون إخراجها. يرى «كيربي وغودباستر» أن مثل هؤلاء الناس لا ينبغي مجادلتهم. ولا الخوض معهم في نقاش، لأن أفكارهم لا تفيدنا ماداموا غير قادرين على إخراجها لكي نتداولها ونناقشها، فهي – إذن – أفكار لا تفيد أحدًا. فالتفكير في رأيهم هو النشاط الذي يقوم به الدماغ، ويمكن تداوله بين الناس. (Kirby & Goodpester, 1995).
إن وسائل التواصل بين الناس وتداول الأفكار كثيرة من أهمها فنون اللغة والرسومات، والغناء، والمعادلات الرياضية، ولذلك يمكن تعريف التفكير إجرائيًا بأنه نشاط الدماغ الذي يمكن التعبير عنه شفويًا أو تحريرًا.
وماذا بعد..
على الرغم من الإنجازات المبهرة التي حققها الإنسان في قدرته على سبر غور المجهول، واكتشافه للكواكب، وصعوده للقمر، إلا أنه لم يصل بعد إلى اكتشاف ذاته ، ومعرفة نفسه، ومازال دماغ الإنسان حقل ألغام وألغاز، وكأنه القارة المجهولة التي لم تطأها أقدامنا بعد، إذ على الرغم من الوصول إلى نتائج مهمة عن كيفية عمل الدماغ، إلا أن الشقة مازالت بعيدة لاكتشاف ما يزيد عن 75% من الطريقة التي يعمل بها الدماغ، ومازالت المحاولات المضنية لمعرفة الدماغ بالدماغ تشبه – على حد تعبير كيربي وغودباستر – الكماشة التي تريد أن تمسك نفسها، أو محالة رؤية أعيينا بأعيينا ما لم ننظر في المرآة.
في سبيل تفسير عملية التفكير جاءت عدة نظريات، كان من أشهرها النظرية المعرفية، حيث فسرت عملية التفكير بأنها شبيهة بعملية التمثيل الكلوروفيلي عند النبات، وبالحاسب الإلكتروني (نبيل عبد الهادي، 4 – 17).
تقوم الحواس عند الإنسان بنقل معلومات إلى الدماغ، ومن ثم تتم معالجتها عن طريق البنية المعرفية (ذاكرة قصيرة الأمد، أو ذاكرة طويلة الأمد)، وبعدها تتم عملية الإدراك بتخزين المعلومات المهمة أو المنظمة في ذاكرة طويلة الأمد، بينما تكون المعلومات غير المهمة في طي النسيان.
وهذه العملية شبيهة إلى حد كبير بما يتم عند النبات. وبالذات عملية التمثيل الكلوروفيلي، حيث تقوم أوراق النبات بتلقي الضوء والهواء من البيئة الخارجية، وتقوم أيضًا الأجزاء الموجودة في الأوراق بأخذ ثاني أكسيد الكربون، التي تعتبر مهمة للنبات، وتطلق الأكسجين، فالأوراق شبيهة بالبنية الحسية (الحواس الخمس) عند الإنسان، والأجزاء في الأوراق شبيهة بالبنية المعرفية، وأخذ ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين تشبه تذكر المعلومات المهمة، ونسيان المعلومات غير المهمة.
أما بالنسبة للتشابه بين العمليات المعرفية عند الإنسان وما يتم من عمليات داخل الحاسب الإلكتروني، فإن البنية الحسية عند الإنسان (الحواس الخمس) تقوم بنقل المعلومات وهي كجزء المدخلات (input) في الحاسب الإلكتروني، بينما البنية المعرفية التي تتم داخلها العمليات العقلية عند الإنسان فهي شبيهة بالجزء الذي تتم فيه معالجة المعلومات وبرمجتها في الكمبيوتر (Process).
وكذلك بالنسبة للإدراك عند الإنسان والفهم فهو قريب إلى حد كبير بجزء المخرجات (Output) في الحاسب الإلكتروني الذي يقوم بإعطاء الحلول وتخزين المعلومات.
لقد أثبت علماء التشريح أن الدماغ البشري يعد أعقد من أدمغة الحيوانات في تركيبه ومستواه، وأن الدماغ يعد الجهاز المسيطر على باقي أجزاء الجسم، والجهاز العصبي هو الأداة التي تنقل المعلومات إلى الدماغ لكى تتم معالجتها.
أما معالجة المعلومات فقد أكدت النظرية المعرفية أنها تعالج عبر البنية المعرفية. ومن ثم تنقل المعلومات إلى الذاكرة، حيث يوجد نوعان من الذاكرة، الذاكرة قصيرة الأمد والذاكرة طويلة الأمد.
وعملية التفكير تأتي نتيجة انتقال المعلومات عن طريق الحواس الخمس وتنقل عبر القنوات العصبية إلى الدماغ ومن ثم يقوم بمعالجتها عن طريق البناء المعرفي وتنقل إلى الذاكرة قصيرة الأمد ومن ثم تحول إلى الذاكرة طويلة الأمد إذا كانت معلومات مهمة تحول إلى الخزن، وإذا كانت غير مهمة تحول إلى النسيان، ويتوقف ذلك على كيفية تنظيم المعلومات ونقلها بشكل جيد، فكلما كانت المعلومات واضحة ومنظمة يتم نقلها إلى الذاكرة بشكل صحيح ويتم تذكرها وهذا ما يحدث في عملية التعلم.
ويعرف علماء الدماغ التفكير بأنه عملية الاتصال التي تتم بين العصبونات في مناطق الدماغ المختلفة بقصد تبادل المعلومات حول موضوع ما. ويعرفون التعلم بأنه عملية تكوين ارتباطات بين مجموعة من العصبونات، وتكوين فجوات مجهرية ومستقبلات للباعثات الكيماوية على الخيوط العصبونية (دندرايت).
ومن الملاحظ أن انتقال الرسائل المحملة بالمعلومات داخل العصبون يكون كهربائيًا. وأما انتقالها فيما بين العصبونات يكون كيماويًا، بوساطة ما يسمى الباعثات العصبية، وهي مركبات كيماوية تحمل شحنات كهربائية يقذفها المحور الناقل(أكسون) في الفجوة المجهرية. وعندما تلامس هذه الباعثات العصبية الخيوط العصبونية تولد فيها نبضات كهربائية، وتتجدد الدورة ثانية مع العصبونات التالية أو المجاورة.
فعندما يبدأ الطفل بالتعلم ويتعرض إلى خبرة جديدة كأن يرى عصفورًا فتخبره أمـه أن هذا الذي يـراه «عصفور». وقد يحاول الطفل لفظ كلمة «عصفور» فلا يجيد لفظها أولاً، كأن يقول «عصور» وبعد محاولات عدة قد يلفظها لفظًا صحيحًا، في هذه الأثناء يكون الدماغ قد عمل ارتباطات بين مجموعة من العصبونات. وتعنى هذه الارتباطات أن مجموعة العصبونات تتحدث معًا، وتتواصل حول العصفور، فإذا طار العصفور فإن مجموعة العصبونات تضيف ارتباطات جديدة فيما بينها تتعلق بكلمة «طار» . فتتوسع شبكة الارتباطات إلى «عصفور – طار» وهكذا.. وعندما يشاهد الطفل العصفور مرة ثانية فإن الدماغ يعيد الارتباطات مرة ثانية، أى تتواصل العصبونات نفسها معًا مرة ثانية حول العصفور، وإذا ما شاهده مرة ثالثة فإن الدماغ يعيد التأكيد على الارتباطات السابقة بين العصبونات، الأمر الذي يجعل التواصل بين العصبونات أسرع من ذي قبل بسبب ترسب مادة المايلين كما سنرى لأن تكرار ممارسة العصبونات للاتصال معًا يزيد سرعة إنجاز الارتباطات فيما بينها. وعندها يمكن القول: إن العصبونات تعلمت كلمة عصفور أو كلمة طار.
فيما بعد يمكن أن يوسع الطفل شبكة الارتباطات التي أسسها حول العصفور، لتشمل كل شيء يطير مثل الطيور بأنواعها أو الفراشات أو الطائرات، فكلما حصل على معلومة عن الطيران أضافها إلى معلوماته السابقة. إن سلسلة الارتباطات التي أنشأها الدماغ حول العصفور تسمى الشبكة العصبونية فتكرار معلومة ما يؤدي إلى تكرار استقبال الشبكة العصبونية، الأمر الذي يؤدي إلى تزايد ترسب مادة المايلين حول المحور الناقل مما يزيد العزل الكهربائي حول الشبكة العصبونية (neural network). وقد يوسعها مستقبلاً لتتحول إلى ملف الطيران وأسبابه والعوامل المؤثرة فيه. وكلما زاد استعمال الدماغ للشبكة العصبونية لأي موضوع قويت الارتباطات الدماغية، أي قويت الفجوات المجهرية (Synapses) بين العصبونات وقويت خيوط العصبونات المشتركة في تلك الشبكة. وبعبارة أخرى: إن كثرة استعمال الشبكة العصبونية يزيد قوتها ويسرع عملية الاتصال، وبمعنى آخر يسرع عملية التفكير.
التفكير.. ذلك المخاض العسير
يقدم نحات القرن التاسع عشر (رودان) نظرة عميقة حول طبيعة التفكير من خلال تمثاله البرونزي المشهور «المفكر»: تمثال المفكر مقدم بوضعية جلوس وتأمل مع ارتكاء الكوع الأيمن على الركبة اليسرى واستناد الذقن إلى ظهر اليد اليمنى. إن تفحصًا دقيقًا لهذه الوضعية أو تأملاً قليلاً لها، سيظهر أن هذا الوضع ليس طبيعيًا أو مريحًا!
في الواقع يمكن أن يستخدم تمثال رودان كرمز لجميع التربويين المهتمين بتطوير نوعية التفكير لطلابهم عن طريق تذكيرنا بأن التفكير الجيد قد لا يكون فعلاً طبيعيًا. إن التفكير الناقد والإبداعي الفعالين يتطلب جهدًا، قد يكون غير مريح في بعض الأحيان، ويتطلب فرصًا للتأمل المقصود.
ولحسن حظ التربويين فإن الأبحاث في مختلف الحقول، بما في ذلك الفلسفة، وعلم النفس الإدراكي، واللغويات، والذكاء الاصطناعي، والمسح الدماغي، تسهم في فهمنا للتفكير وتطور التفكير، فقد تعلمنا على سبيل المثال أن التفكير المتطور والرفيع المستوى لا يظهر بصورة تلقائية كنتاج مصاحب للأنشطة التعليمية الأخرى. فمجرد توجيه أسئلة «عالية المستوى» لا يضمن أن يكون عند الطلاب المعرفة أو قدرات التفكير اللازمة للإجابة عنها. وإن مجرد عقد مناظرات في غرفة الفصل لا يعلم الطلاب كيفية بناء حجة فعالة أو تبني أحد المواقف، وبالمثل فإن إعطاء واجب كتابي أو واجب حل مشكلة لا يفسر بحد ذاته الاستراتيجيات التي يستخدمها الكتاب الناجحون لمن يحلون المشاكل.
ففي كل حالة من هذه الحالات نحن في حاجة إلى استخدام منهج أكثر وضوحًا نحو تطوير التفكير، من أهم ملامح هذا المنهج وقسماته أن يسهم في تعزيز استخدام مهارات التفكير ضمن سياقات منهجية تحدث بصورة طبيعية. وثمة جانب آخر من الوضوح ينطوي على قيام الطلاب بالتأمل بطرق تفكيرهم الخاصة، إذ يستطيع المعلمون تعزيز الإدراك اللاحق للطلاب عن طريق قضاء وقت في مناقشة استراتيجيات التفكير المطبقة في مختلف المهام الأكاديمية، كما أنها تستطيع المساعدة في جعل عملية التفكير غير المشاهدة ملموسة أكثر للطلاب عن طريق «التفكير بصوت عال» لإظهار عمليات الترتيب المنطقى لأفكارهم.
وإن دراسات التحويل تشير إلى أن معظم الطلاب لا يطبقون على الفور مهارات التفكير التي يتعلمونها في موقف معين من المواقف الجديدة، ومع ذلك يستطيع المعلمون تسهيل التحويل-عن طريق البحث - إلى فرص لمساعدة الطلاب في دراسة تطبيق مهارات تفكير محددة في سياقات متعددة ضمن مجال موضوعهم، وفي موضوعات أخرى وأيضًا خارج المدرسة.
مفهوم التفكير الناقد
هو القدرة على تقدير الحقيقة، ومن ثم الوصول إلى القرارات في ضوء تقييم المعلومات، وفحص الآراء المتاحة، وأخذ وجهات النظر المختلفة بالاعتبار.كما عرف أيضًا بأنه القدرة على التحكم في تفكيرنا بفحص المعلومات لمعرفة الصواب من الخطأ.
ومن تعريفاته أيضًا أنه التحقق من الشيء وتقييمه بالاستناد إلى معايير متفق عليها مسبقًا. إنه نمط من التفكير التأملي الذي يهدف إلى حل المشكلات، ويتبنى استخدام المستويات المعرفية العليا من تصنيف بلوم، وهي (التحليل – التركيب – التقويم).
التفكير الناقد لماذا؟
أصبح من الأهمية بمكان أن تولي برامج التعليم وجهها صوب التفكير الناقد لما يمثله ذلك التوجه من إخضاع المنهج للمتعلم بدلاً مما كان سائدًا من إخضاع المتعلم للمنهج، لقد تحول دور المتعلم من المفعول به في جملة الممارسات التربوية إلى دور الفاعل والمؤثر، وأصبح من المتعين عليه أن يتسم بالإيجابية، فيستنجد بأقصى طاقات ذكائه، ويستنفر آخر قوى ذهنه، ويشحذ جميع قدرات عقله.
كما أن هذا من شأنه أن يتجاوز عتبة التشرنق في أعماق الذات، والتحوصل داخل النفس، لنثير داخله روح التساؤل، وعدم التسليم بالأفكار المطروحة عليه دون نقد أو تمحيص، كما يسهم في زيادة التحصيل لدى المتعلم، ويمكنه من حل ما يعن له من مشكلات، والقدرة على اتخاذ القرارات، والتمكن من الاختيار بين بدائل متعددة، كما أن هذا النمط من التفكير يحيي الثقة في نفس المتعلم، ويعده لاستشراف المستقبل الذي ينتظره، كما يمكنه من استخدام المعلومات والخبرات التي يسيطر عليها في الوقت المناسب، بالإضافة إلى القدرة على التنبؤ والاستنتاج.
بالإضافة إلى تنمية مهارات التفكير العليا لدى المتعلم، إذا تم تعليم التفكير الناقد كمادة مستقلة كغيره من المواد، وذلك من خلال برامج ومقررات يتم تحديدها على شكل أنشطة وتمارين لا ترتبط بالمواد الدراسية، يقوم بتقديمها للطلبة مدرب متخصص، بما يمكنهم من إدراك أهمية الموضوع الذي يدرسونه ومتابعة عمليات التفكير التي ينخرطون فيها، كما يساعد ذلك التوجه على جعل عملية قياس وتقويم التفكير الناقد أكثر دقة
أو توفير فرصة أكبر لتحقيق فهم أعمق للمقررات الدراسية، وانتقال أثر التعلم، والقدرة على إحكام الصلة بين النظرية والتطبيق للمواد، وإثارة المتعلمين وتحفيزهم لممارسة عمليات التفكير في المواد الدراسية كافة، وذلك إذا تم تدريس مهارات التفكير الناقد من خلال إدماجها في النسيج الحي للمواد الدراسية المختلفة.
معايير التفكير الناقد
يشير مفهوم معايير التفكير الناقد إلى المحكات والمواصفات المتفق عليها لدى المعنيين بمجال التفكير، التي يرجع إليها، ويستند إليها في الحكم على نوعية التفكير الذي يمارسه الفرد عند قيامه بمعالجة موضوع ما من الموضوعات.
وتتمثل أهم تلك المعايير فيما يأتي:
- الوضوح: ويعد أحد أهم معايير التفكير الناقد بوصفه المدخل الأساس لما يليه من معايير التفكير الناقد، على اعتبار أن الفكرة ما لم تنطو على قدر من الوضوح، فلن يكون من السهولة بمكان فهمها، ومن ثم لن نتمكن من معرفة قصد المتكلم، وبالتالي لن نتمكن من الحكم على أفكاره.
- المنطقية: ويشير إلى ضرورة تنظيم الأفكار وتسلسلها وترابطها بصورة تقودنا إلى الوصول إلى نتائج معقولة، مبنية على حجج مناسبة.
- العمق: ويشير إلى تجاوز عتبة السطحية، والمرور العابر في معالجة المشكلات، والسعي حثيثًا إلى سبر غورها، والغوص في عمقها، والنفاذ إلى جوهرها.
- الربط: ويشير إلى القدرة العالية على إحكام الصلة بين ما يمكن طرحه من أسئلة ومناقشات والموضوع المطلوب معالجته.
- الدقة: ويشير هذا المعيار إلى معالجة الموضوعات بشكل كامل دون زيادة أونقصان.
- الاتساع: ويشير هذا المعيار إلى معالجة الموضوع من كافة زواياه، والإحاطة به من جميع جوانبه.
مهارات التفكير الناقد
ثمة مجموعة من القوائم التي اهتم المعنيون بالتفكير الناقد برصدها كان من أهمها ما يأتي :
· قائمة (Beyer) التي حدد من خلالها عشر مهارات للتفكير الناقد تمثلت فيما يأتي:
- التمييز بين الحقائق التي يمكن إثباتها والادعاءات.
- التمييز بين المعلومات وثيقة الصلة بالموضوع التي تقحم على الموضوع ولا تربطها به أي صلة.
- تحديد مدى الدقة التي يتمتع بها الخبر أو الرواية.
- تحديد مصداقية مصدر المعلومات.
- تحديد الادعاءات والبراهين والأدلة الغامضة.
- تحديد درجة قوة البراهين أو الادعاءات.
- تحديد أوجه التناقض أو عدم الاتساق التي تمر بها عملية الاستدلال.
- تحديد التحيز أو مدى التحامل.
- تحديد المغالطات التي ينطوي عليها الموضوع.
- تحديد الافتراضات غير الظاهرة والمتضمنة في النص.
· أما (Robert Ennis) الذي يعد واحدًا من أبرز قادة حركة التفكير الناقد في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد عرض قائمة تنطوي على اثنتي عشرة مهارة جاءت على النحو التالي:
- فهم معنى العبارة.
- الحكم بوجود غموض في الاستدلال.
- الحكم فيما إذا كانت العبارة متناقضة.
- الحكم فيما إذا كانت النتيجة تتبع بالضرورة.
- الحكم فيما إذا كانت العبارة محددة بوضوح.
- الحكم فيما إذا كانت العبارة تطبق مبدئيًا.
- الحكم فيما إذا كانت المشاهدة موثوقة.
- الحكم فيما إذا كانت النتيجة مبررة بقدر كاف.
- الحكم فيما إذا كانت المشكلة معرفة.
- الحكم فيما إذا كان الشيء عبارة عن افتراض.
- الحكم فيما إذا كان التعريف محددًَا بدقة.
- الحكم فيما إذا كانت العبارة نصًا مقبولاً.
·أما (Kneedler) فقدانتهت إلى قائمة تضمنت اثنتي عشرة مهارة من مهارات التفكير الإبداعي وجاءت على النحو التالي:
- القدرة على تحديد المشكلات والقضايا المركزية وهذا يسهم بشكل كبير في تحديد الأجزاء الرئيسة للدليل والبرهان.
- تحديد المعلومات المتعلقة بالموضوع التي تساعد على إجراء موازنات بين الأمور التي يمكن إثباتها والتي لايمكن إثباتها، والمعلومات وثيقة الصلة بالموضوع، والمعلومات الهامشية.
- القدرة على تحديد ما إذا كانت المتعلقة بالموضوع مترابطة بعضها مع بعض، ومنسجمة مع السياق العام.
- القدرة على تقديم محكات ومعايير للحكم على طبيعة الاستنتاجات.
- القدرة على تحديد الأمور المسلم بها والقضايا البديهية، والأفكار التي لا تبدو واضحة ومصرح بها في الأدلة والبراهين.
- صياغة الأسئلة بشكل يمكن أن يحقق فهمًا أعمق للمشكلات.
- تمييز أوجه الشبه والاختلاف ، وهو مايسهم في القدرة على تحديد السمات المميزة، وتساعد على وضع المعلومات في تصنيفات لأغراض مختلفة.
- القدرة على تمييز الصيغ المتكررة.
- القدرة على تحديد ما تتمتع به المصادر من درجة عالية للموثوقية أو عدمه.
- تمييز الاتجاهات والتصورات المختلفة لوضع معين.
- القدرة على تحديد كفاية البيانات والمعلومات ونوعيتها وقدرتها على معالجة الموضوع.
- التنبؤ بالنتائج المحتملة من معالجة حدث أو مجموعة من الأحداث.
·أما (Harnadek) فقد حددت المهارات التي ينبغي أن يتصف بها من يمارسون التفكير الناقد في الآتي:
- يفهم ويطبق قواعد المنطق.
- يعرف الفرق بين الممكن والمحتمل.
- يتجنب الأخطاء الشائعة في التفكير المنطقي.
- يعرف خصائص الأدلة والحجج المقبولة ويميز بينها.
- يأخذ بنظر الاعتبار الجوانب المختلفة في الموضوع.
- يعرف حسن استعمال الكلمات.
- يستخدم المنطق في عبارات كمية وغير كمية.
·كما جاءت قائمة (Watson & Classer) متضمنة خمس مهارات للتفكير الناقد، هي:
- القدرة على تحديد المسلمات والافتراضات.
- القدرة على التفسير.
- القدرة على تقويم الحجج.
سمات من يمارسون التفكير الناقد
من أهم السمات التي يتمتع بها من يمارس التفكير الناقد ما يأتي:
- مستقل فكريًا، فهو يتقبل الفكرة ويبحث عن الحلول، ويتقبل الأفكار بقناعة كاملة، ودون ضغط من الآخرين.
- متواضع فكريًا ومدرك أنه كما أن للبصر مدى لا يتجاوزه، فإن للعقل حدًا لا يتعداه، وأن فوق كل ذي علم عليم.
- الأمانة الفكرية، إذ يخضع أفكاره للمعايير نفسها التي يخضع لها أفكار الآخرين.
- شجاع فكريًا، إذ يواجه الأفكار القديمة والنمطية الخاطئة بكل حسم وشجاعة.
- يتمتع بالإصرار الفكري، ويمضي قدمًا في سبيل الانتصار لما يؤمن به رغم كل الصعاب والمعوقات.
- يحاول فصل التفكير العاطفي عن التفكير المنطقي.
- لا يجادل في أمر ما عندما لا يعرف عنه شيئًا.
- يعرف متى يحتاج إلى معلومات أكثر حول شيء ما.
- يستفسر عن أي شيء يبدو غير معقول أو مفهوم.
- يبحث عن الأسباب والبدائل.
- يعطي أهمية بالغة لجميع جوانب الموقف الذي يمر به.
- يتعامل مع مكونات الموقف المعقد بطريقة منظمة.
- متعاطف فكريًا مع أفكار الآخرين ويتخيل نفسه مكانهم حتى يتفهم أفكارهم.
معوقات التفكير الناقد
- الجهل بالموضوع وعدم وفرة المعلومات المساعدة على معالجته، أو الإحاطة به من جوانبه المختلفة.
- خداع النفس بإلقاء اللائمة على الآخرين .
- الخضوع لآراء وأفكار الآخرين (خبراء وغيرهم) والوقوع في أسر التفكير الاعتمادي أو (التفكير بعقول الآخرين).
- التحيز الفكري وذلك بتضخيم الأدلة التي تؤيدنا وإهمال ما عداها.
|
القائمة
▼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق